نظام المعاملات المدنية في المملكة العربية السعودية
خالد العرفج
عبدالإله السلامه
15 مايو 2024م
في تطور جوهري كبير في البيئة القانونية في المملكة العربية السعودية، أصدرت المملكة نظام المعاملات المدنية الأول في تاريخ البلاد ("النظام") والذي أصبح نافذًا بتاريخ 3 جمادى الآخرة 1445هـ الموافق 16 ديسمبر 2023م. مثَّل النظام نقلة نوعية في المجال القانوني في المملكة كون أن النظام قد قنن عدد من المبادئ الشرعية في نظام واحد. وباحتوائه على 721 مادة تغطي العلاقات المدنية، يعد النظام واحداً من أكبر الإصدارات التشريعية في تاريخ البلاد وينظر إليه على أنه ركيزة أساسية للخطة الإصلاحية ضمن رؤية المملكة 2030 لخلق سوق جذاب للمستثمر المحلي والأجنبي وكذلك موائمة حوكمة المعاملات اليومية مع أفضل الممارسات الدولية. كما أن النظام يتفق مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تعد المملكة طرفاً فيها.
سنتناول أدناه النظام وأهميته بشكل عام. ولكن لكون النظام طويل جدًا سنصدر مقالات أخرى لاحقة تتناول المواضيع المختلفة التي غطاها النظام.
رفع مستوى التنبؤ
يهدف النظام إلى رفع مستوى الثقة والتنبؤ في المعاملات التجارية، وينظم جوانب متعددة من المعاملات التجارية التي لم تقنن سابقاً مثل حقوق والتزامات الأطراف في العقود المسماة وغير المسماة، حقوق الملكية، المعاملات المالية، الفعل الضار، التعويض وغيرهم. ويهدف النظام من خلال تقنين عدد من المبادئ الإسلامية في نظام مدني شامل إلى زيادة التنبؤ والوضوح في تطبيق نظام المعاملات في المملكة، كون أن النظام يقلل من السلطة التقديرية الاجتهادية للمحاكم واللجان القضائية في تطبيق الأحكام الشرعية.
الأثر الرجعي
يعد سريان النظام بأثر رجعي أحد أبرز سماته وذلك على عكس الأنظمة السابقة التي لا تسري بأثر رجعي عادةً. ويعني سريان النظام بأثر رجعي تطبيق أحكامه على العقود المبرمة قبل تاريخ نفاذ النظام، وذلك فيما عدا الآتي:
إذا وجد نص نظامي أو مبدأ قضائي يتعلق بالواقعة بما يخالف أحكام هذا النظام وتمسك به أحد الأطراف.
إذا كان الحكم يتعلق بمدة لمرور الزمن المانع من سماع الدعوى بدأ سريانها قبل العمل بهذا النظام.
القواعد الفقهية الكلية
في الحالات غير الواردة في مواد النظام أو في حال الحاجة للمزيد من التوضيح، فقد تضمنت المادة 720 من نظام المعاملات المدنية 41 قاعدة فقهية كلية لتقوم بسد النواقص القانونية بشكل منظم وبالقدر الذي لا تتعارض فيه مع النصوص النظامية.
خاتمة
صدور نظام المعاملات المدنية يعكس جهود المملكة في تطوير نظامها القانوني وتحسين بيئة الأعمال كجزء من رؤية 2030. إصدار النظام يعد خطوة استراتيجية لجذب الاستثمارات وتنظيم حوكمة المعاملات المدنية. ومن خلال إيجاد بيئة قانونية أكثر قابلية للتنبؤ بها يتجه النظام لتعزيز جاذبية السوق السعودي للمستثمر المحلي والأجنبي والذي بدوره يساهم في التنمية والنمو الاقتصادي للبلاد.