عقد البيع والمقايضة وفقًا لنظام المعاملات المدنية

مقدمة


في منشورنا السابق، استعرضنا مقدمة عن نظام المعاملات المدنية في المملكة العربية السعودية. تستكمل هذه المقالة سلسلة مقالاتنا حول هذا النظام من خلال استكشاف تطبيقاته في المعاملات التجارية، مما يساهم في فهم أعمق للجوانب المتعددة التي شملها هذا النظام.

قبل صدور النظام، كانت العقود تخضع عادةً لمبادئ عامة غير مدونة من الشريعة الإسلامية. يُعتبر هذا النظام أول نظام مدون في تاريخ المملكة ينظم العقود، من خلال ضمان توافقها مع مبادئ الشريعة الإسلامية، مع تلبية الاحتياجات التجارية الحديثة لمزيد من الوضوح والتنبؤ في الأحكام. ينظم النظام 18 نوعًا من العقود المسماة. نستعرض نوعين من العقود في هذه المقالة وهما: عقد البيع وعقد المقايضة.

عرَّف النظام عقد البيع بأنه "عقد يُمَلِّك بمقتضاه البائع المبيع للمشتري مقابل ثمن نقدي." كما عرَّف عقد المقايضة بأنه "عقد مبادلة مال بمال على سبيل التمليك ليس أي منهما نقدًا." ونصت المادة 365 على أنه "تسري على عقد المقايضة أحكام عقد البيع بما لا يتعارض مع طبيعته."

تشكيل عقد البيع أو عقد المقايضة


عقد البيع أو عقد المقايضة الصحيح يتطلب الآتي:

  1. رضى الطرفين: يجب أن يتفق الطرفان على العقد وشروطه من خلال الإيجاب والقبول.

  2. الأهلية: يجب أن يكون كل من المشتري والبائع لديهما كامل الأهلية (العقل السليم والسن القانوني) للدخول في العقد.

  3. موضوع العقد: يجب أن يكون موضوع البيع محددًا، ويجب أن يكون مشروعاً وجائزاً وفقًا للشريعة الإسلامية. ووضح النظام بأنه إذا تبين في عقد البيع معرفة المشتري بموضوع العقد، فلا يحق للمشتري المطالبة بإلغاء العقد بسبب عدم معرفته، ما لم يقم المشتري بإثبات وجود تغرير من البائع.

  4. الثمن: يجب أن يكون السعر أو الثمن للمبيع محددًا ومتفقًا عليه. ويمكن اللجوء إلى التقدير بناءً على أسس صالحة يتحدد بمقتضاها. ووضح النظام بأنه حتى إذا لم يحدد الطرفان سعر المبيع، فلا يُعتبر البيع باطلًا إذا دلت الظروف على أن الطرفان كانا ينويان تطبيق سعر السوق، أو السعر المعمول به في التعاملات المعتادة بينهم.

  5. التسليم/ القبض: يجب أن يكون المبيع قابل للتسليم. إذا لم يكن من الممكن تسليم المبيع أو كان المبيع معدوم في وقت العقد، فقد يُعد البيع باطلًا. ومع ذلك وضح النظام أن الآتي يُعتبر تسليمًا:

    • أ) إذا اتفق الطرفان على الحالة التي يُعتبر فيها المشتري قد تسلّم المبيع.
    • ب) إذا نصت مادة نظامية على الحالة التي يُعتبر فيها المشتري قد تسلّم المبيع.
    • ج) إذا احتفظ البائع بالمبيع في حوزته بعد البيع برضى المشتري، لسبب غير الملكية.


التزامات وضمانات البائع والمشتري


ينص النظام على التزامات محددة على كل من البائع والمشتري، ويشمل ذلك ضمانات نظامية. ويجب تطبيق هذه الضمانات والالتزامات، بالإضافة إلى أي التزامات وضمانات تعاقدية متفق عليها (والتي ينبغي تضمينها في العقد).

ضمان الاستحقاق:


يضمن البائع المبيع خالياً من أي حقوق لطرف ثالث. يجب أن يُنقل المبيع للمشترى خالي من أي حق غير معروف لطرف ثالث. ومع ذلك، يمكن للطرفين الاتفاق على قصر ضمان البائع على الحالات التي ينشأ فيها حق الطرف الثالث نتيجة لأفعال البائع أو إخفائه المتعمد. لا يمنع الاتفاق على إعفاء البائع من ضمان حق الملكية حق المشتري في الرجوع على البائع واسترداد الثمن، ما لم يتبين أن المشتري كان على علم بحق الطرف الثالث وقت البيع.

ضمان العيب:


Tيضمن البائع سلامة المبيع من أي عيوب تنقص من قيمته أو تجعله غير قابلا للاستخدام للغرض الذي أعد من أجله. وفي حال ظهر عيب في المبيع، يكون المشتري مخيراً بين فسخ العقد أو الرجوع على البائع ومطالبته بفرق الثمن، إلا إذا قام البائع باستبدال المبيع بآخر مماثل له وخالٍ من العيوب.

لا ينطبق ضمان العيوب في الحالات الآتية:
  • إذا كان المشتري يعلم بالعيب وقت البيع، أو كان يستطيع أن يتبيّنه بنفسه لو فحص المبيع بعناية الشخص المعتاد؛ ما لم يضمن البائع له سلامة المبيع من عيب بعينه أو كان البائع تعمد إخفاءه.
  • إذا كان العيب مما جرى العرف على التسامح فيه.
  • إذا حدث العيب بعد التسليم ما لم يكن مستندًا إلى سبب موجود في المبيع قبل التسليم.
  • إذا كان البيع في المزاد من قبل الجهات القضائية أو الإدارية.

ويلزم النظام المشتري بالتحقق من حالة المبيع بعد تسلمه فور تمكنه من ذلك. وفي حال عدم قيام المشتري بإعلام البائع بالعيب خلال مدة معقولة، يعد المشتري قابلاً للمبيع بما فيه من عيب.

ولا تُسمع دعوى ضمان العيب بانقضاء 180 يومًا من تاريخ تسليم المبيع؛ ما لم يتفق على خلاف ذلك أو إذا ثبت أن البائع قد أخفى العيب بقصد الغش.

تسليم المبيع خالٍ من الهلاك:


يجب على البائع تسليم المبيع وهو خال من أي هلاك، وفي حال وجود هلاك للمبيع أو جزء منه قبل التسليم تسبب به البائع أو طرف ثالث (ليس المشتري) فإن المشتري يكون مخيراً بين التالي:

  • فسخ البيع.
  • قبول المبيع والرجوع بالتعويض على الطرف المتسبب بالهلاك.
  • فسخ البيع في الجزء الذي هلك فقط.

إذا هلك المبيع بسبب القوة القاهرة أو لأي سبب لا يد لطرفا البيع فيه أو لطرف ثالث ينفسخ المبيع ويسترد المشتري الثمن. وإذا كان الهلاك على جزء من المبيع فقط، يحق للمشتري فسخ البيع في ذلك الجزء أو فسخ كامل البيع.

التزامات المشتري المالية:


يلزم المشتري أداء الثمن قبل تسلم المبيع؛ ما لم يتفق على خلاف ذلك. وفي حال وجود موعد معيَّن لسداد الثمن واشترط البائع بأن البيع لن يتم في حال لم يؤد المشتري الثمن في الموعد؛ يعد البيع مفسوخاً إذا اختار البائع ذلك، بدون الحاجة إلى الإعذار. وتكون نفقات الوفاء بالثمن وتسلم المبيع وعقد البيع وتسجيله على المشتري، وذلك كله ما لم يتفق على خلافه.

الخاتمة:


يقدم نظام المعاملات المدنية إطارًا قانونيًا للعقود في المملكة العربية السعودية ويشمل ذلك عقد البيع وعقد المقايضة، ويحدد حقوق والتزامات الأطراف. يؤكد هذا الإطار القانوني بأن هذه العقود ملزمة قانونيًا وقابلة للتنفيذ. ومن خلال دمج المبادئ الفقهية للشريعة الإسلامية، يقوم هذا الإطار القانوني بتعزيز الاتساق والقدرة على التنبؤ عبر مبادئ وقواعد مقننة تساهم بالتقليل من المنازعات الناشئة عن هذه العقود ويقدم ملاذًا قانونيًا وتعويضات عن الانتهاكات والنزاعات. كما ينص النظام على العناصر الأساسية للعقود حتى تكون صحيحه وقابلة للتنفيذ ويسهل على الأطراف فهم ضماناتهم والتزاماتهم والأثر القانوني الناتج عن تصرفاتهم.