الحدود الجديدة للإبلاغ عن عمليات التركز الاقتصادي وزيادة في تنفيذ مراقبة عمليات التركز الاقتصادي في المملكة العربية السعودية

في 17 ربيع الثاني 1445هـ (الموافق 1 نوفمبر 2023م)، أعلنت الهيئة العامة للمنافسة في المملكة العربية السعودية ("الهيئة") عن تعديلات مهمة للحد الأدنى للإبلاغ عن التركز الاقتصادي فيما يخص عمليات الاندماج والاستحواذ. إن هذه التغييرات، بما فيها من رفع الحد الأدنى للمبيعات السنوية للأطراف وإضافة متطلبات الارتباط المحلي، إلى جانب زيادة التنفيذ لمراقبة عمليات التركز الاقتصادي من قبل الهيئة، توضح النهج الفعّال الذي تتبعه الهيئة في تنفيذ مراقبة عمليات التركز الاقتصادي والتزامها بمعالجة التحديات التنافسية في المملكة.

الحد الأدنى الجديد:


نص نظام المنافسة السعودي، الصادر في عام 1440 هـ (2019م)، ("نظام المنافسة") على وجوب إبلاغ الهيئة عن عمليات التركز الاقتصادي في حال تجاوزت المبيعات السنوية للأطراف حدًا أدنى تحدده اللائحة. وبموجب اللائحة التنفيذية لنظام المنافسة والدليل الإرشادي لفحص التركز الاقتصادي، كان الإبلاغ في البداية إلزاميًا إذا تجاوز إجمالي مبيعات الأطراف المشاركة 100 مليون ريال سعودي (≈26.6 مليون دولار أمريكي)، الأمر الذي أدى إلى وجود مخاوف من الإفراط في تقديم الطلبات لعمليات ذات تأثير ضعيف على المنافسة.

وفي رمضان 1444هـ (الموافق مارس 2023م)، رفعت الهيئة الحد الأدنى إلى 200 مليون ريال سعودي (≈ 53.3 مليون دولار أمريكي). وقامت الهيئة كذلك بخفض الحد الأقصى لرسوم الإبلاغ من 400,000 ريال سعودي (≈ 106,666.6 دولارًا أمريكيًا) إلى 250,000 ريال سعودي (≈ 66,666.6 دولارًا أمريكيًا). ولكن على الرغم من هذه التعديل الإيجابي ومع عدم وجود شرط الارتباط المحلي، فقد استمرت التحديات، لا سيما بالنسبة للعمليات الأجنبية غير المرتبطة بالمملكة. وقد شكلت طلبات الشركات الأجنبية حوالي ثلثي طلبات التركز الاقتصادي التي تلقتها الهيئة في عام 1443هـ/1444هـ (2022م) والبالغ عددها 316 إبلاغ.

وفي 17 ربيع الثاني 1445هـ (الموافق 1 نوفمبر 2023)، أصدرت الهيئة المعايير الجديدة (لتشمل متطلب الارتباط المحلي) التي ستطبق على عمليات الاندماج والاستحواذ، بما يزيد من صعوبة انطباق متطلبات الإبلاغ الإلزامي. فأصبح الآن الإبلاغ إلزاميًا في حال استيفاء جميع الشروط التالية:

  1. تجاوز حجم المبيعات السنوية للأطراف 200 مليون ريال سعودي (≈ 53.3 مليون دولار أمريكي).
  2. تجاوز حجم المبيعات السنوية للمنشأة الهدف 40 مليون ريال سعودي (≈ 10.6 مليون دولار أمريكي).
  3. تجاوز حجم المبيعات السنوية المحلية (في المملكة) للأطراف 40 مليون ريال سعودي (≈ 10.6 مليون دولار أمريكي).

تشير هذه التغييرات، والتي تمت إضافتها إلى الدليل الإرشادي لفحص التركز الاقتصادي وأصبحت نافذة بأثر فوري، إلى تحول إيجابي، بما يقلل من الإبلاغات غير الضرورية ويسمح للهيئة بالتركيز على عمليات التركز الاقتصادي ذات الآثار التنافسية المحتملة الأعلى.

زيادة تنفيذ مراقبة عمليات التركز الاقتصادي من قبل الهيئة:


وتأتي حدود الإبلاغ الجديدة متوافقة مع الزيادة في تنفيذ إجراءات المنافسة في المملكة العربية السعودية. فبحسب نظام المنافسة، يمكن للهيئة: 1) الموافقة، أو 2) الموافقة المشروطة، أو 3) رفض عملية التركز الاقتصادي، بناءً على التأثيرات التنافسية المحتملة.

  • الرفض الأول لأسباب إجرائية
  • في 1443 هـ (الموافق 2021م)، أصدرت الهيئة أول رفض لعملية تركز اقتصادي لأسباب إجرائية، مما أدى إلى منع الاستحواذ المقترح لشركة ديليفري هيرو ومقرها الأساسي في ألمانيا (من خلال شركة منطقة حرة إماراتية) على شركة تطبيق توصيل الطعام المنافس ذا شيفز ومقرها الأساسي في السعودية (عبر شركة مسجلة في الإمارات كذلك).
  • الرفض الأول لأسباب موضوعية
  • وفي ذي القعدة عام 1443هـ (الموافق يونيو 2022م)، أصدرت الهيئة أول رفض لعملية تركز اقتصادي لأسباب موضوعية، مما أدى إلى منع استحواذ شركة الغاز والتصنيع الأهلية (غازكو) على حصة قدرها 55% من شركة الناقل الأفضل للغاز، بسبب مخاوف متعلقة بالمنافسة من ناحية تكاملية رأسية.
  • الموافقات المشروطة الأولى
  • في شوال عام 1445 هـ (الموافق مايو 2023)، أصدرت الهيئة موافقتها المشروطة الأولى (بفرض اشتراطات والتزامات على الكيان الجديد الناشئ عن عملية الاستحواذ) لشركة تداول للحلول المتقدمة (وامض) للاستحواذ على حصة قدرها 51% في شركة شبكة مباشر المالية (دايركت إف إن). وأضافت الهيئة أنها ستراقب سلوك الشركات بمجرد إتمام الصفقة لضمان التزام الأطراف بالاشتراطات المحددة لمدة ثلاث سنوات.

    وبالمثل، في شهر صفر عام 1445هـ (الموافق أغسطس وسبتمبر 2023م)، قامت الهيئة بالموافقة المشروطة على العمليتين التاليتين: استحواذ الشركة العربية للتعهدات الفنية (العربية) بالكامل على شركة وكالة فادن للدعاية والإعلان المنافسة مقابل 1.05 مليار ريال سعودي (≈ 280 مليون دولار أمريكي)؛ واستحواذ تطبيق توصيل الطعام السعودي، شركة جاهز الدولية لتقنية نظم المعلومات، بالكامل على منافستها شركة أفضل الطهاة المحدودة (ذا شيفز) (لم تتم الصفقة في النهاية).

    وتشمل الموافقات المشروطة عدة التزامات، مثل الالتزام بالحفاظ على الأسعار التنافسية، والإفصاح عن الاتفاقيات، وكذلك القيود المفروضة على الدخول في اتفاقيات حصرية، ونقل الملكية، وتعيين مراقبين. وفي حال عدم الالتزام بالشروط المفروضة، تفرض الهيئة غرامات مالية كبيرة بالإضافة إلى احتمالية الغاء قرارها بالموافقة.


خاتمة:


من المتوقع أن تؤدي حدود الإبلاغ الجديدة إلى تقليل عدد طلبات عمليات التركز الاقتصادي التي تراجعها الهيئة. ومن المتوقع أيضًا أن تستمر الهيئة في تحسين نظام مراقبة الاندماج الخاص بها، مما يدل على موقفها الاستباقي في التكيف مع الفاعلية المستمرة والمتطورة للسوق. يعكس الجمع بين حدود الإبلاغ الجديدة وزيادة تنفيذ مراقبة عمليات التركز الاقتصادي التزام الهيئة بتعزيز المنافسة العادلة من خلال تحليل عمليات التركز الاقتصادي على أساس فردي. وبينما ترى الشركات أثر هذه التغييرات، تصبح المشاركة المبكرة والتواصل الشفاف مع الهيئة أمرًا محوريًا للحصول على موافقات الهيئة.